9. يؤمنُ المعمدانيُّون باستمرارِ إضافةِ أعضاءٍ جددٍ إلى الكنيسة

‘‘وكانَ الرَّبُّ كُلَّ يومٍ يَضُمُّ إلى الكنيسةِ الذينَ يَخلُصونَ’’.
(أعمال 2: 47)

أين تقع كنيستك؟ قد تكون الإجابة المتوقَّعة هي عنوان الشارع الذي يقع فيه المبنى. لكنَّ الكنيسة ليسَتْ مبنى، بل شركةٌ بين أشخاصٍ من نوعٍ خاصٍّ يعيشون في أماكنَ مختلفة.

مَنِ يجب أن يكونَ عضوًا في الكنيسة؟

يستعينُ المعمدانيُّون بمصطلحاتٍ مختلفة لوَصْف مفهومهم للكنيسة، مثل كنيسة المؤمنين، والكنيسة المتجدِّدة، والكنيسة المجتمعة، والكنيسة المتطوِّعة، وكنيسة المولودين ثانية، وشركة المفديِّين. وبغضِّ النظر عن المصطلح المستخدَم، يظلُّ المعنى الأساسيُّ واحدًا: الكنيسة هي شركة الأشخاص الذين اتَّبَعوا يسوعَ طواعيةً ربًّا لهم، وارتبطوا بعضهم ببعض تحت ربوبيَّته وإرشاد الرُّوح القدس.

يؤمنُ المعمدانيُّون بأنَّ المخلَّصين وحدَهم ينبغي، بل يجب أن يكونوا، أعضاء في الكنيسة. ومع أنَّ الإيمانَ استجابةٌ فرديَّة، فإنَّ شركةَ المؤمنين تعزِّزُ النموَّ في الإيمان. لم تُصمَّمِ الحياةُ المسيحيَّة بوصفها محاوَلةً فرديَّة، بل هي اختبارُ شركةٍ أساسيَّةٍ مع أعضاء الكنيسة الآخرين.

يركِّزُ مفهومُ العهد الجديد للكنيسة على جسدٍ محلِّيٍّ منَ المؤمنين بالمسيح ممَّن تعمَّدوا. لكنْ تُشير كلمة ‘‘كنيسة’’ في القليل من نصوص العهد الجديد إلى المفديِّين من جميع العصور والأزمنة (متَّى 16: 18؛ أفسس 5: 23-32؛ كولوسِّي 1: 18).

ومع أنَّ المعمدانيِّين يؤمنون بأنَّ عضويَّة الكنيسة يجب ألَّا تتضمَّن سوى المفديِّين في المسيح، فإنَّهم يشجِّعون الجميع ويرحِّبون بهم لحضور الأنشطة المتنوِّعة في الكنيسة. مثلًا، خدمات العبادة، ودروس الكتاب المقدَّس، والأحداث المفتوحة والمتاحة للجميع.

لماذا يجب أن يكونَ المؤمنون وحدَهم أعضاءً في الكنيسة؟

يؤمنُ المعمدانيُّون بأنَّ الكتاب المقدَّس هو السُّلطة المكتوبة الوحيدة للإيمان والممارسة والتطبيق، ويعتقدون أيضًا أنَّ الكتابَ المقدَّس يُعلِّم بأنَّ المولودين ثانيةً وحدَهم هم مَن يجب أن يكونوا أعضاءً في الكنيسة. ولا يأتي هذا الميلاد الثاني بمجرَّدِ ذِكْر حقائقَ عن يسوع، بل بالاختبار الحقيقيِّ للإيمان به (يوحنَّا 3: 1-21).

يتحدَّثُ العهد الجديد بشأن كنيسةٍ تتألَّفُ من أشخاصٍ اختَبروا الخلاص بالإيمان بيسوع المسيح ربًّا ومخلِّصًا. ويُخبرُنا سِفر أعمال الرُّسل عن الكنيسة في أورشليم: ‘‘وكانَ الرَّبُّ كلَّ يومٍ يَضُمُّ إلى الكنيسةِ الذينَ يَخلُصون’’ (أعمال 2: 47). وتُشير رسائل بولس إلى كنائس متنوِّعة في تحيَّاتها ومحتواها في العهد الجديد، إلى أنَّ الكنيسة تتكوَّن من أشخاصٍ مفديِّين (1كورنثوس 1: 2، 12: 12-31).

لم تتحقَّقْ دائمًا العضويَّة المثاليَّة للكنيسة من المولودين ثانيةً، حتَّى في زمن العهد الجديد. رغم أنَّ عضويَّة الكنيسة من المولودين ثانية قد لا تكون ممكنةً، فإنَّها هدفٌ يستحقُّ السعي وراءه، لذا تُحاول الكنائس المعمدانيَّة أن تقبل المفديِّين وحدهم في عضويَّةِ الكنيسة.

كيف تقبل الكنائس المعمدانيَّة الأعضاء في شركتها؟

يجب أن تكون العضويَّة في الكنيسة المعمدانيَّة دائمًا تطوُّعيَّة، لذا يطلبُ الأشخاصُ أن يكونوا أعضاء، لكنَّهم ليسوا مجبَرين على فعل ذلك، وتسعى الكنائس المعمدانيَّة بوسائلَ عدَّة إلى الحفاظ على عضويَّة المولودين ثانية بطريقةِ قبولِ الأشخاص للعضويَّة.

عندما يطلب شخصٌ لم يكُن عضوًا في أيَّة كنيسةٍ أن يكونَ عضوًا في كنيسةٍ معمدانيَّة، فإنَّ الكنيسة تطلب إليه أن يُثبتَ أنَّه آمنَ بيسوع المسيح ربًّا ومخلِّصًا. علاوةً على ذلك، تتطلَّب الكنائس المعمدانيَّة أن يعتمدَ المؤمنُ بالماء قبل أن يُصبحَ عضوًا في الكنيسة، لذا تطلبُ الكنيسة إلى الشخص الساعي لأن يكونَ عضوًا في الكنيسة أن يُعلنَ إيمانَه بالمسيح ويعتمد بالماء.

عندما يكون الشَّخص عضوًا بالفعل في الكنيسة المعمدانيَّة، ويسعى لأنْ ينتقل ويكون عضوًا في كنيسةٍ معمدانيَّةٍ أُخرى، عادةً ما يُقبَل هذا الشخص على أساس عضويَّته في الكنيسة المعمدانيَّة السابقة. وفي وقتٍ من الأوقات، كانت الكنائس المعمدانيَّة ترسلُ ‘‘خطابات’’ فعليَّة توضِحُ أنَّ الشخصَ عضوٌ في الكنيسة وأنَّه أخذَ ‘‘الخطاب’’ بناءً على رغبتِه في الانتقال إلى كنيسةٍ أُخرى. واليوم عادةً ما تُشير عبارة ‘‘جاء بخطاب’’ إلى أنَّ الكنيسةَ التي تستقبل العضو ستتواصَل مع الكنيسة مرسلةِ الخطاب بشأن نَقْل العضويَّة، في حين عادةً ما تعني عبارة ‘‘جاء ببيان’’ إلى أنَّ الكنيسةَ التي كان الشخص عضوًا فيها لم تعُدْ قائمة، أو لم يعُدْ ممكنًا لأسبابٍ عدَّة الحصول على سجلِّ العضو. لكنْ ماذا يحدث لو كانَ طالبُ العضويَّة في كنيسةٍ معمدانيَّةٍ عضوًا في كنيسةٍ أُخرى غير معمدانيَّة؟ تتعامَلُ الكنائس المعمدانيَّة المستقلَّة بوسائلَ مختلفة، ويعتمدُ ذلك على الخلفيَّة الكنسيَّة للشَّخص الذي يسعى إلى نَيلِ العضويَّة، وعلى سياسات هذه الكنيسة التي أتى منها.

على العموم، إذا لم يكُنْ هذا الشخصُ قد اعتمدَ بالتغطيس في الماء بصفته مؤمنًا بالمسيح، فإنَّ الكنيسة المعمدانيَّة تطلب إليه أن يُعلنَ إيمانَه بالمسيح، ويعتمدَ بالماء قبل أن ينالَ العضويَّة. وإذا كان هذا الشخص قد اعتمدَ بالتغطيس في الماء، لكنْ كانت هذه المعموديَّة ضروريَّةً للخلاص، فإنَّ معظم الكنائس المعمدانيَّة ستطلب إلى الشَّخص أن يعتمد قبل أن يُصبح عضوًا، ويحدث ذلك لتوضيح أنَّ المعموديَّة مهمَّة، لكنَّها غير ضروريَّةٍ للخلاص.

إذا كان الشخصُ قد اعتمدَ بالتغطيس ويستوعب أنَّها وسيلةٌ رمزيَّةٌ تشهدُ أنَّه ولدَ ثانية، تقبل بعضُ الكنائس المعمدانيَّة هذا الشَّخص في عضويَّتها، وفي حين تطلبُ كنائس معمدانيَّة أُخرى إلى الشخص أن يعتمدَ في كنيسةٍ معمدانيَّة.

رغم أنَّ عددًا قليلًا من الكنائس المعمدانيَّة قد تقبلُ في عضويَّتها أشخاصًا اعترفوا بإيمانهم بيسوع المسيح ربًّا ومخلِّصًا، سواء كانوا قد اعتمدوا بالتغطيس أم لا، فإنَّ معظم الكنائس المعمدانيَّة لا تقبلُ عضويَّتهم، وتأخذ الغالبيَّة العُظمى من الكنائس المعمدانيَّة بجِدِّيَّة بالغة أهمِّيَّةَ معموديَّةَ المؤمن بالتغطيس.

ما العوامل الأُخرى المرتبطة بالعضويَّة في كنيسةٍ معمدانيَّة؟

تختلف الكنائس حول ما إذا كان على الأشخاص أن يعتمدوا ويكونوا أعضاء في الكنيسة على الفور عند اعترافهم بالإيمان، أو أنَّه ينبغي أن يتأخَّرَ ذلك. لذا يعمِّدُ بعض الأشخاص المؤمنَ بعد اعترافه بالإيمان وإعلانه بمدَّةٍ وجيزة، في حين يطلبُ آخرون إلى الأشخاص، لا سيَّما الأطفال أن يخضعوا لعمليَّةٍ تشمل دروسًا في المشورة قبل المعموديَّة.

تطلب بعض الكنائس إلى جميع طالبي العضويَّة أن يتلقَّوا المشورة بخصوص اختبار الخلاص والتزام عضويَّة الكنيسة، ويتوقَّعُ آخَرون أيضًا من الأشخاص بأن يحضروا دروسًا تقدِّم للأعضاء الجدد، وكثيرون لا يفعلون ذلك.

تصوِّتُ جماعات المؤمنين من المعمدانيِّين على طلب الشخص للانضمام إلى العضويَّة، وفي هذه الحالة لا تُصوِّتُ جماعة المؤمنين ما إذا كان الشخصُ قد نال الخلاص أم لا؛ لأنَّ هذه مسألةٌ ما بين الفرد والله. لكنَّ أعضاء الكنيسة المعمدانيَّة يُشاركون في الإدارة الجماعيَّة للكنيسة تحت ربوبيَّة المسيح.

الخلاصة

الإيمانُ باستمرار إضافةِ أعضاءٍ جُددٍ إلى الكنيسة أأع هو قناعةٌ معمدانيَّة أساسيَّة، وهذا المفهوم جزءٌ من بيان المعتقدات والنظام الأساسيِّ الذي يجعل المؤمن معمدانيًّا. ستُناقش المقالة المقبلة سببَ حسبانِ هذه الميزة المعمدانيَّة مهمَّةً، والوسائل التي تُختبَر بها.

‘‘مع أنَّ المعمدانيِّين يشاركون القناعات الأساسيَّة مع جماعاتٍ مؤمنةٍ أُخرى، فإنَّ إصرارَنا على استمرار أعضاءٍ جددٍ إلى الكنيسة هو إحدى السِّمات المميِّزة للكنيسة المعمدانيَّة’’.
وارن ماكْوِليَمز
اقتباسٌ من ‘‘تعريف القناعات المعمدانيَّة’’